بالرغم مما بلغته دور النشر الحديثة من رقي وجودة في طباعة الكتب وتفنن في الإخراج والصف والتجليد، ودقة في الضبط، إلا أن لهذا الحسن والرقي مآخذ كبيرة لم أرَ مَنْ نبَه عليها من أهل العلم، ومن أبرز تلك المآخذ ما أتناوله في هذه المقالة الموجزة و هي :

تضخيم حجم الكتاب إلى أكثر من ضعف حجمه الحقيقي، بل قد يتجاوز حجم الكتاب المطبوع أربعة أضعاف الحجم الحقيقي للكتاب، وفي ذلك مأخذان يسوغ أن نصفهما بالمفسدتين:

المفسدة الأولى : إيهام طلبة العلم بكبر حجم الكتاب، بما يصدهم عن قراءته أو دراسته، وبالتالي هجر الكتاب وعدم الانتفاع منه، ولعل من أبرز الأمثلة على ذلك :

( شرح ابن عقيل على ألفية ابن مالك في النحو) فقد تظافرت دور النشر على طباعته في مجلدين كبيرين، حتى رسخ في أذهان كثير من المشتغلين بعلوم الشريعة أن هذا الكتاب من الكتب المطولة، والتي تستلزم دهراً من العمر لإتمامها، في حين نجد أحد الطبعات القديمة للكتاب كان بعضها في 195 صفحة فقط !!!

المفسدة الثانية : غلاء ثمن الكتاب، ما أدى إلى صد كثير من طلبة العلم إلى شراء عدد كبير من الكتب، وقد غاب عن أنظار القائمين على طباعة تلك الكتب حقيقة مفادها أن أكثر المشتغلين بعلوم الشريعة هم من الطبقة الفقيرة غالباً .

ومن أبرز الأمثلة على ذلك: كتاب الوسيط لأبي حامد الغزالي، حيث طبع طبعات عدة، أحدها في تسعة مجلدات، وبثمن يزيد على المئة دولار! رغم أن حجم الكتاب لا يتجاوز السبعمائة صفحة لو جُرِّد عن الهوامش والتعليقات.

وهذا ما دعاني إلى إنشاء مشروع أسميتُه:

بذلُ الوسع في تيسير كتب الشرع

حرصت فيه على نشر كتبٍ منتقاة في علوم الشريعة مجردةً من الهوامش والتطويل والتضخيم غير المبرر، وكان باكورة هذا المشروع كتاب:

الجمع بين الصحيحين

لعبد الحق الإشبيلي

حيث نشرناه على الموقع في مجلد واحد.

سائلا الله تعالى العون والتوفيق والسداد والقبول، وأن ينفع به طلبة العلم في مشارق الأرض ومغاربها .

...

 

Copyright © 2013 All rights reserved.

Flag Counter