حينما قصّ الُله سبحانه كلامَ فرعون حيث قال : { مَا أُرِيكُمْ إِلَّا مَا أَرَىٰ وَمَا أَهْدِيكُمْ إِلَّا سَبِيلَ }
فإنما ذَكَرَه على سبيل الذم ، وبيان طغيانه وظلمه وتجبره على قومه ، واستخفافه بهم ؛ إذ ألزمهم بما يراه هو فحسب ، متجاهلاً وملغياً لكل رأي سوى رأيه .
و رغم ذلك فقد استشرت هذه الصفة الفرعونية الطاغوتية في أوساط الإسلاميين ، فصار كل منهج أو مذهب أو حزب منهم يعتقد أن الحق : ما يراه هو حقاً ، دون غيره من مخالفيه ، و أن غيره : منحرفون ضالون عن الصراط .
فصار كل فريق من هؤلاء لا يترددون بل لا يتورعون عن إطلاق لقب "أهل الأهواء و البدع" على كل مَن يخالفهم ، و يعنون بهذا الوصف أن مخالفيهم متبعون للهوى ، وهم بذلك ينفون عن قلوب مخالفيهم الإخلاص، والحرص على الهداية ، لمجرد أنهم لم يفهموا ما فهموه هم من النصوص الشرعية ، زاعمين بذلك أنهم هم "وحدهم" أهل الإخلاص والهداية ، والأعرف بالدليل وطرق الاستدلال .
ثم استشرى الفساد فصار كل فريق يسخر من مخالفيهم ويتربص بهم الدوائر ، ولو كانوا في حقيقة الأمر من خيار أهل الأرض ، ويزدرون ما عندهم من علم ولو كانوا من العلماء الربانيين .
فصار ذلك المنهج الفرعوني المذموم : منهجاً إسلامياً مُتبعاً راسخاً معمولاً به في أوساط جميع مذاهب الإسلاميين ، سواءً المذاهب العَقَدية أو الفقهية ، و على اختلاف مشاربهم و أصول مذاهبهم ، إلا من رحم الله ، وقليل ما هم .
فرفقاً أيها المسلمون بإخوانكم .
وفقكم الله لما يحب ويرضى
...