قضية الاجتهاد في مسائل الاعتقاد من القضايا التي اشتُهرت فيها تأصيلاتٌ غيرُ دقيقةٍ ، وسار عليها -أعني تلك التأصيلات - كثيرٌ من أهل العلم على سبيل التقليد والتسليم لها دون أن يكلفوا أنفسهم إعادة النظر في صحتها ، ومن أهمها :
١-عدم جواز التقليد فيها .
٢- عدم تسويغ الاختلاف فيها .
٣- عدم العذر في الخطأ في الاجتهاد فيها !!!
وحقيقة الأمر أن الاجتهاد في مسائل الاعتقاد بل في سائر مسائل الدين : خاضع لمنظومة اجتهاد واحدة ، بدءاً من اشتراط أهلية النظر ، إلى آخر مقومات البحث والاستدلال المعروفة ، وبالتالي فإن مسائل الاعتقاد هي من حيث النظر الاجتهادي كمسائل الفقه أو (الفروع ) : شيء واحد ، خاضعة لرأي المجتهد ، من جمعٍ لأدلة المسألة الواحدة ، وإعمال النظر فيها بناءً على أصول المذهب الإعتقادية .
وبالتالي فإن أي مسألة اعتقادية هي بالنتيجة ثمرة اجتهاد العالم (أي عالم كان) كما هو الحال للمسائل الفروعية أو الفقهية ، وبناءً على ما تقدم أقول لأصحاب تلك التأصيلات :
لماذا تسوّغون الأخذ والرد والخلاف في مسائل الفقه بذريعة كونها خاضعة للاجتهاد والرأي وقوة الاستدلال ،
ولا تسوغون ذلك في مسائل الاعتقاد !!!
مع أنها - أي : المسائل الاعتقادية - في واقع الأمر ثمرة من ثمار الاجتهاد كحال سائر المسائل الدينية ؟
وفي الحقيقة فهذه الظاهرة من الأشياء التي كنت أعنيها في أكثر من مقالة حول ضرورة إعادة النظر في الثوابت ، وضرورة كسر أسوار الإرهاب الفكري التي بناها كثير من الإسلاميين في أدمغتهم ولايتجرؤون على اختراقها فضلاً عن هدمها .
...