---------------------------------------
تناقل المسلمون و 'الإسلاميون"(١) قبل أيام خبر مقتل العشرات من المسلمين في نيوزيلاند(٢) من قِبل رجل مجهول الحال .
و سرعان ما تلى هذا الخبر ردود الافعال التقليدية مِن قِبل أولئك المسلمين و الإسلاميين على السواء ، في اجترار التصورات والعبارات التي اعتدنا ومللنا من سماعها في مثل هذه الأحداث : سب ولعن ، مؤامرات وتصورات وهمية ... واستذكار الأحداث والمآسي التاريخية ...الخ
هكذا دون تأنِّي ولا تثبّت ولا تقصي ...
وأنا أعرض عليكم الامر معكوساً ؛ لتتصورا تناقض ما نعيشه ونستسيغه من مواقف ومعتقدات نظنها سليمة وصحيحة .
فأقول :
لو أن حادثة مماثلة نزلت بقومٍ غير مسلمين ، أي : لو أن إسلامياً معتوهاً أقدم على تفجير معبد وثني أدى إلى مقتل العشرات فيه ، فكيف سيتلقى أولئك المسلمون والإسلاميون مثل هذا الحدث !؟
سيقول بعضهم : هذا رجل متطرف لا يمثل الإسلام .
أو يقول آخرون : هؤلاء وثنيون يستحقون القتل ؛ لأنهم كفار يحادّون الله ورسوله ودين المسلمين .
أو أن يقولوا : لعله تلفيق وافتراء لتشويه صورة الإسلام والمسلمين .
وغير ذلك من التبريرات والمسوغات .
عجباً !!!
لماذا نبرر لكل من ينتسب للإسلام كل تصرفاته للخروج من قفص الاتهام ، ولا نكلف أنفسنا - من باب الإنصاف والعدل- أن نفرض مثل تلك الاحتمالات على غيرنا ؟
ثم لماذا نعتقد - أن بغض الكافر و سبّه واستحلال دمِهِ وماله ، وعرضه وأرضه - سائغٌ - بل ومأجورٌ عليه ، في حين لا نقبل ولا نستسيغ أبداً أن يقابلنا اولئك "الكفار" بموقف مماثل !!!
ثم اعكسوا الموقف بصورة أخرى :
لو أن جماعة من المسلمين وفي دولة مسلمة عريقة بالإسلام أقدموا على هدم معبد وثني أقيم رغماً عنهم في دولتهم المسلمة تلك ، ألَن يصفق لهم جمهور المسلمين إعجاباً وتشجيعاً لنصرة دينهم و إنكارهم المنكر في دولة الإسلام ؟
لكن أليس ما يحدث في دول عريقة في الكفر ولا عهد لها بالإسلام هو من مثل هذا التوصيف الذي ذكرته ؟
فلماذا -مرة أخرى- نسوّغ لأنفسنا ما لا نسوّغه لغيرنا ؟؟؟
هذه وخزات عابرة علّها تكون سبباً في فقْءِ تلك الفقاعات الوهمية التي تغلف أدمغة كثير من المسلمين .
وللحديث بقية إن شاء الله
______________________
(١) وأعني بهم : أصحاب الشعارات والمناهج الإسلامية من غير العوام .
(٢) بغير ألف رسماً ونطقاً .
...