بقلم عبدالقادر شاكر:

 

يتوهم كثير من الناس أنهم مستقلون في تكوين تصوراتهم، واتخاذ قراراتهم؛ فيتفاخرون بقوتهم الذهنية، وحريتهم الفكرية.

 

وأعني بالتصورات -هنا- المعلومات التي يجمعها أو يستحضرها الذهن عن أي شيء مطلوب اتخاذ موقف أو قرار تجاهه.

 

وهذه التصورات هي التي تسبق اتخاذ القرارات، فلا قرار- عند الاختيار- إلَّا بعد سبق تصور عنه.

 

فيقع كثير من الناس -عند صياغة تصوراتهم- لمؤثرات خارجية تسهم في رسم تصورهم، وتشارك عقولهم في ذلك من حيث لايشعرون، متوهمين أنهم مستقلون في صناعة تصوراتهم.

وهذه المؤثرات قد تكون من قبيل التصورات الوهمية، دون أن يتنبه لها الإنسان.

 

وإذا ما انتقلنا إلى المرحلة التالية- وهي اتخاذ القرارات- نجد المشكلة ذاتها تتكرر في صناعة القرار؛ إذ تتدخل مؤثرات خارجية كثيرة في صناعته، ويغفل -أو يعجز- أكثر الناس عن الانتباه لهذه المشكلة، متوهمين أنهم مستقلون أحرار باتخاذ قراراتهم.

وهذه المؤثرات الخارجية يمكن تقسيمها إلى قسمين:

  • 1- مؤثرات خارجية مباشرة:

كتسلط الوالد على قرار ولده، وتسلط إرادة المجتمع أو أعرافه على قرار الفرد المنتسب إليه.

  • 2- ومؤثرات خارجية غير مباشرة:

وهي التي ترسخت طيلة سنين في ذهن الإنسان واستوردها من غيره على سبيل التسليم والإذعان، سواء من خلال إملاءات الوالدين، أو سائر المحيطين المؤثرين بذلك الفرد، فهي رغم صدورها من الذهن لكنها في حقيقة الأمر مؤثر خارجي أخذها صاحبها من خارج عقله، بغير غربلة ولا تحرير، ولاتمحيص ورسخت في ذهنه حتى ظن أنها من عند عقله هو.

وتتضح خطورة الأمر إذا ماعرفنا أن هذه المؤثرات قد تسهم في صناعة القرارات لدرجة الاستبداد، فيفقد الإنسان حريته باتخاذ القرار، رغم أنه حر مختار في الظاهر، والأخطر من ذلك أن لا ينتبه الإنسانُ نفسُه لهذه العبودية الخفية.

وبالتالي لايشعر بتخلف عقله ولا ظلم قراراته، ولاحاجة لإعادة النظر فيها، ويظن نفسه واثقاً من صحة تلك القرارات، مطمئنا من كمال حريته باتخاذها.

...

 

Copyright © 2013 All rights reserved.

Flag Counter