بقلم عبدالقادر شاكر:

 

هذا المقال يتبع المقال المعنون: تنبيه الخواص والعوام إلى معضلة تعدد الأفهام...

 

يعتمد كلُّ إنسان في فهم كلام الآخرين- مسموعاً كان أو مكتوباً- على قاموسه الذهني الخاص به، والذي تراكمت مفرداتُهُ مِن أوَّل أيام إدراكه للوجود، وطيلة أيام وأشهر وسنوات عمره، فيضاف لكلِّ مفردة من مفردات الكلام، معنى أو معاني قد لا تتطابق مع معاني قاموسٍ ذهني لإنسان آخر، وليس الأمر محصوراً في وضع كلِّ معنىً بإزاء لفظٍ مُعيَّن فحسب، فلو اقتصر الأمر على ذلك لخفَّتْ مراتب اختلاف الفهم الواقع بين الأشخاص.

بل حقيقة الأمر أنَّ كلَّ إنسان يضع في ذهنه جملة من المعاني -المفردة والمركبة- الخاصة به أحياناً، لكثيرٍ من الألفاظ، فيؤدي ذلك إلى اختلافٍ في فهم كلام الخطاب الواحد.

وزِد على ذلك أنَّ طرق اكتساب المعاني للمفردات لا تنحصر في نطاقٍ معرفيٍّ أو تعليمي واحد، بل تتنوع تلك الطرق، وتتنوع طرق الفهم والتفسير الذهني بحسب ما يلتصق بذهن السامع من معانٍ اكتسبها بطرق شتى، قد لايشترك معه فيها غيره من البشر، وبالتالي ينفرد هو بفهم خاص به دون غيره من السامعين.

ففهم الخطاب الواحد لا ينحصر في طريقة ساذجة للفهم مفادها أنَّ كلَّ لفظٍ له معنى واحد في القاموس الذهني، يشترك به سائر السامعين أو القارئين، بل ولا أنَّ لكلِّ سامع معانٍ قد تختلف عن معاني قاموس ذهني آخر، بل يتبع ذلك ما يتصف به كل إنسان من خصوصيات الفهم وطرق الإدراك، مع ما يلحق ذلك من مؤثرات ذهنية ونفسية بحسب كل إنسان.

كاقتران بعض الأحداث أو المواقف أو المعاني بلفظ خاص، في قاموس ذهني خاص، تجعل صاحبه يستقل بفهم خاص، دون غيره من السامعين أو القارئين.

...

 

Copyright © 2013 All rights reserved.

Flag Counter