بقلم: عبدالقادر شاكر.

 

يُخطئ كثيرٌ من الناس إذْ يظنون أنْ لا فرقَ بين الذكي والعاقل.

فيرون أن جموع الأذكياء الغفيرة من المتفوّقين في دراساتهم، أو الناجحين في أعمالهم هم من العقلاء أيضاً.

وهذا وهمٌ كبير؛ وظن خطير؛ إذ إنّ الذكاء لا يستلزم رجاحة العقل، وكنت قد أشرت لذلك في مقال سابق.

فإنّ المتأمِّل في أحوال الناس المُصنَّفِينَ على أنّهم من "الأذكياء"، يجد في أوساطهم الكثير من مظاهر التفاهة والانحطاط - في تفكيرهم واهتماماتهم وقراراتهم- و التي تدل بمجملها على ضحالة عقولهم وسذاجتهم، رغم ذكائهم.

ويجد مرارة ذلك ويعانيه: من ابتلي بعقلٍ راجح، وفكرٍ راقٍ، وفهمٍ ثاقب.

ففي حين يتميز أولئك الأذكياء بنجاحاتهم في ميادين عملهم، وينظر إليهم غيرهم من الناس على أنهم "الطبقة الأرقى"

لا يكاد يَلتفت أحد إلى ذلك الانحطاط الذي يعيشه كثيرٌ ([1]) منهم في ميادين أخرى تعكس وتُظهِر ذلك الانحطاط وتلك التفاهات التي تلازمهم.

وليست المصيبة مجرد توصيفٍ لواقع مُشاهَد، بل المصيبة أن يعطى أولئك التافهون من المهام والمسوؤليات التي تستلزم رجاحة في العقل يفتقدونها، ظناً مِمّن أسدى لهم تلك المسؤوليات أن ذكاءهم كافٍ في تحقيق الكفاءات القيادية أوالإدارية المطلوبة، فيفسدون ويخربون أكثر مِمّا يصلحون أو يبنون؛ لقصور عقولهم عن بلوغ الأهلية لتلك المهام.

ولئن كانت نسبة أصحاب الذكاء الفائق لا تزيد على 5% من مجمل شعوب العالم، فإن نسبة العقلاء وسط تلك النسبة الضئيلة من الأذكياء لا تتجاوز 1% من مجموع أولئك الأذكياء، فلكم أن تتصورا وحشتهم وندرتهم وسط ذلك الغثاء من البشر...



([1])أقول: كثير منهم، وليس جميعهم؛ إذ أن بعض الأذكياء أنعم الله عليهم برجاحة العقل، بل لا تكاد تجد عاقلاً غير ذكي.

...

 

Copyright © 2013 All rights reserved.

Flag Counter