وقول الله تعالى : ( إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بقدر ) [القمر: 49]
تشتهر بعض القرى اليابانية بكثرة المعمرين - نسبياً- حيث تتجاوز أعمار بعضهم المئة عام !!!
وقد بادر بعض المهتمين بأسرار إطالة العمر بالسؤال عن طعامهم فكانت الإجابة : السمك وزيت السمك .

فسارع بعض قاصري النظر إلى إطلاق القول بتأثير السمك في طول العمر والحفاظ على الصحة .
و تشتهر قبائل الهونزا في المناطق الجبلية من شمال باكستان بطول أعمار أفرادها حتى رأيت أحد المعمرين منهم وهو يجلس مع أحفاد أحفاده !!!
و يتهاوى القول بتأثير السمك في إطالة العمر حينما نعلم أنّ غالب طعام هذه القبائل هو فاكهة المشمش، سواء الطازج منه أو المجفف ، وأنهم لا يكادون يأكلون السمك !!!
ويتسع الخرق ويتفاقم المأزق المعرفي الإنساني حينما نعلم أن غالب طعام المعمرين في بعض القرى الفلسطينية هو من الزعتر والزيتون وزيت الزيتون !!!
فيصاب المرءُ حينئذٍ باضطراب وتشتت فكري؛ إذ لا يرى أي صلة بين هذه الأنظمة الغذائية المختلفة .
هذا ما يبدو لأول وهلة.
لكن لو تأملنا عميقاً في هذه النماذج الثلاثة لاكتشفنا أنَّ كل فريق من هؤلاء المعمرين قد أكل من غالب طعام بلده الذي نشأ فيه، ولم يخلط نظامه الغذائي بالأطعمة المستوردة من بلدان وبيئات مختلفة عن بيئته .
فالله تعالى قد خلق لأهل كل بقعة من الأرض طعامه الذي يناسب خِلقته وطبيعة بدنه، فهو سبحانه قد خلق كل شيء فقدره تقيرا .
ولو تأملنا أحوال أكثر المّسنّين في كل بلد، مِمّن حافظ على النظام الغذائي الخاص ببلده الذي نشأ فيه وعاش عليه لوجدنا هذا التوصيف مطرداً ، فاختلاط الأنظمة الغذائية، ودخول ثمار المناطق الحارة على موائد البلدان الباردة، وثمار المناطق الباردة على موائد المناطق الحارة، كل ذلك سبب اضطرابات كثيرة في صحة الإنسان وظهور الأمراض التي لم تكن معروفة فيما مضى .
ومن عجيب خلق الله تعالى المحكم في خلقه أنه سبحانه قد عوض النقص في بعض الأطعمة - فيما يحتاجه الإنسان من مكونات غذائية - في أطعمة أخر ى ، فعلى سبيل المثال :

يحتاج الإنسان يومياً لفيتامين (C) بكثرة مقارنة بباقي الفيتامينات، ولأن سكان الصحراء و رعاة الأبل بعيدون عن الفواكه والمصادر الأخرى الغنية  بفيتامين(C) فقد اقتضت حكمة الله أن يعوضهم هذا النقص بحليب الإبل، فجعل فيه نسبة عالية من هذا الفيتامين تقارب الخمسة أضعاف مقارنة بباقي أنواع الحليب .