نحو ترويض العقل المسلم للتفكير بشجاعة (المقالة السادسة)

القسم الثاني :

----------------------------------------

طيلة عقود من السنين والخطاب الإسلامي جامد على وتيرة واحدة في توصيف النظر والتعامل مع غير المسلمين ، ورغم اختلاف مناهج الإسلاميين ، وتناحرها فيما بينها إلا أن المعالم الأساسية لبناء العقل المسلم وتغذيته بالمفاهيم القاصرة هي هي لم تختلف ، مشتركة متشابهة عند أولئك الإسلاميين ، رغم ذلك الاختلاف الظاهر فيما بينهم .

فما إن يسمع المسلم أن مسلماً - أو جماعة من المسلمين - قد تعرضوا للأذى في أي بقعة من أرض الله إلا و تنهال على ذهن ذلك السامع تلك الصُوٓر البائسة من الظلم والقهر والاضطهاد الذي يتعرض له المسلمون في كل مكان ، ويبني تلقيه لتلك الأخبار - بعد تسليمه بصدقها وفقاً لبُنيته المعرفية والعقلية- على ما تراكم طيلة تلك العقود من صورة وهمية للمسلم المثالي(١) الذي يتعرض دائماً للظلم ، والذي يعاديه كل من في الأرض من أهل الأديان والمعتقدات الأخرى ، ثم ما يلبث أن يخرج بالنتائج الوهمية وغير الدقيقة ذاتها في كل مرة !!!

لكن هل تساءل أحد و تجرأ على إعادة النظر في تلك الموروثات المعرفية التي تظافرت على بنائها وترسيخها خطابات الإسلاميين ؟

وهل تتصف -حقاً - تلك الموروثات بالدقة والموضوعية في توصيف الصور التفصيلية لكل المنتسبين إلى الإسلام في مشارق الأرض ومغاربها ؟؟؟

هل كل مسلم يتعرض للأذى أو التهجير أو حتى القتل في كل مكان هو مجني عليه مغلوب على أمره ومظلوم ؟

وعلى أي أساس معتبر نفترض صحة هذا التساؤلعلى الدوام ؟

أليس من الوارد أن يكون ذلك المسلم هو الظالم الجاني ؟

ولماذا نضع كثيراً من الاحتمالات والمسوّغات المشككة في كل خبر يزحزح تلك الموروثات ؟

و بأي وجه نُسلّم للجهات الإعلامية المصطبغة بـ(الإسلامية) : بصحة ودقة وموضوعية كل ما تنشره من أخبار ؟

في حين نتهم كل الجهات الأخرى بأنها كاذبة أوغير منصفة ولا دقيقة في نشر الخبر !!!

فمن أعطى أولئك الإسلاميين سِمة العصمة والنزاهة والدقة المطلقة في نقل الخبر حتى نخضع ونسلّم لكل ما تنشره بالتصديق والتسليم ؟

ألم يقع كثير من العُبّاد من السلف في جريمة الكذب المتعمد على رسول الله ﷺ بذريعة نصرة السنة ونصرة الإسلام ، وهم كانوا في خير القرون ؟؟؟

 فبأي وجه نُسلّم لكل ما يردنا من أخبار و أحداث لمجرد أن الجهة الناشرة له مصطبغة بصبغة دينية إسلامية.

فلماذا لا يتجرأ أكثر المسلمين أن يعكسوا الأمر بأن يجوزوا تلك الاحتمالات والمسوغات فيما لايتناسب مع موروثاتهم الدينية عن ذلك المسلم المُدّعى مظلوميته ومسكنته واستقامته على الصراط المستقيم !

وانا أعلم يقيناً أن كثيراً من المنتسبين للإسلام قد فاقوا غيرهم في الظلم والفجور وسفك الدماء ، وفي المقابل ففي هذه الدنيا كثيرٌ من الناس لاعهد ولادراية لهم بالإسلام : هم في خُلُقهم ومسالمتهم وإِنصافهم خير من كثير من المنتسبين للإسلام .

فبأي وجه إذن نرضى بالجمود على تلك الصورة في أدمغتنا سالمة مقدسة ولانكلف أنفسنا بزحزحتها وإعادة النظر فيها .

---------------------------------------

(١) المستقيم الورع الصالح ....الخ من الأوصاف المثالية غير الواقعية .


...

 

Copyright © 2013 All rights reserved.

Flag Counter