°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°
المُجَرَّبات جمع (مُجَرَّب أو مُجَرّبة) صيغة مفعول من : جَرَّبَ الشيءَ - تجربةً .
وقد تناول هذا الاصطلاحَ الفلاسفةُ والمتكلمون ، كما تناوله السحرةُ والروحانيون ، وأرادوا بها معانٍ خاصة ، وليست تلك المعاني مقصودة هنا في هذه المقالة ، بل القصد : المعنى الذي جرى على ألْسِنة العُبّاد والصالحين - وكذا بعض العوام - في تجاربهم لبعض الآيات أو الأذكار أو العبادات ونحو ذلك ، مما لم يرد به نص شرعي صريح يؤيدها ، فحصل لهم نوع من المدد أو الفتح أو إجابة دعاء ، أو تحقيق الغايات ، أو انفراج الكربات ، ونحو ذلك من علامات القبول .

ولم تعد هذه المجربات مقصورةً على بعض المذاهب الإسلامية ، كما كان الأمر فيما مضى ، بل أخذت هذه الظاهرة تنتشر لدى كثيرٍ من المسلمين ؛ بسبب وسائل التواصل الكثيرة ، فصرنا نسمع أو نرى أن فلاناً أو فلانة ردّد : دعاءَ كذا وكذا فاستُجيب له ، و آخر ردد : كذا وكذا من الأذكار ففُرّج عنه ، وأخرى فعلتْ : كذا وكذا من الأفعال أو الأوراد فرُزقت زوجاً ، أو رزقت أبناً ، ثم يدعو ناشرُ ذلك المقطع الناسَ إلى العمل بتلك التجربة جازماً تحقيق غايات من يعمل بها !!!

وتفصيل ذلك ، وبيان الأحكام المتعلقة بها لا يتسع له مثل هذه المقالة الموجزة ، لكن أجمل تأصيل هذه الظاهرة بما يلي :

1. لابد لضبط ماهية المجربات من إضافة وصف : (خلو التجربة من نص شرعي صريح أو ضمني يؤيد شرعيتها ) و إلا فلا إشكال حينئذٍ من جوازها ؛ لاندراجها تحت أصل شرعي عام أو خاص .

2. ثم يُنظر بعد ذلك إلى سلامة تلك المجربات من مصادمتها لنص شرعي صريح ، أو تحقق إفضائها لمحذور شرعي معتبر ، فحينئذٍ لاشك في منعها .

3. لابد من استحضار حقيقة تلك المجربات ، وهي : ملازمتها لصفة "الخصوصية" وبالتالي فتعميمها على غير مَن جربها : لايخلو من محاذير ، ومن هنا أذكّر بضرورة إعادة قراءة المقالة المعنونة (الإخفاق في تحقيق التغيير..) لصلتها الوثيقة بقضية الاستثناء هنا ، فما وقع لفلان من حُسن الأثر بعد تجربته ، لا يستلزم تحقق ذات الأثر لمجرِّب آخر ، وأيضاً فإن فتح باب المجربات يفضي إلى فتح باب الابتداع في الدين ، بل التلاعب فيه .

وينبني على ما تقدم :

عدم إطلاق القول بحرمة المجربات أو تبديع أصحابها ، كما لايسوغ تعميمها ولا ترويجها ، حتى لو ثبت أنها جُربت من قِبل أكثر من شخص وأفلح في تحقيق الغرض المرجو منها .