بقلم عبدالقادر شاكر.

 

يشيع في أوساط المتدينين في زماننا ظاهرة التمذهب بنوعيه العقدي والفقهي وما يتفرع عنهما من ألوان اخرى من التمذهب المعاصر كالأحزاب والطرق والمناهج .

وقد التبس على هؤلاء المتمذهبين حقيقة المذهب، وحقيقة الانتماء للمذهب، سواء ذلك الذي ينتمون إليه، او تلك التي تخالفهم، فتوهموا أن أتباع كل مذهب هم عبارة عن نسخة لشخصية واحدة موجودة في أذهانهم، و وفقاً لفهمهم القاصر لذلك المذهب .

وحقيقة الامر - الذي لا أشك فيه - أن لا وجود حقيقي مطابق لتلك الشخصية إلا في أذهانهم؛ فواقع أحوال المسلمين أن كل مسلم له مذهبه الخاص به ، وذلك بحسب فهمه للدين ، و بحسب فهمه للمذهب ، و نصوص المذهب، و أقوال أئمة المذهب، بل وبحسب عمله بمقتضى أصول المذهب، إلى تفاصيل دقيقة أخرى يعسر حصرها أو ضبطها في هذا الإيجاز، وهذا التوصيف يلمسه كل منصف في تعامله، متجرداً من الإرهاب الفكري، متحرر الفهم ، دقيق النظر في أحوال الناس؛ فإنك لا تجد اثنين من مذهب واحد متطابقَيْن متوافقَين في كل ما يعتقدون و يفهمون من أصول وفروع مذهبهم ، لذا فمن الظلم والإجحاف وعدم الإنصاف أن تعامل جميع أتباع مذهبك بصورة مَرضيّة مثالية على اعتبار انهم جميعاً نسخة منك أنت !!!

ولا أن تعامل جميع أتباع المذهب المخالف لك على أنهم نسخة مكررة من تلك الصورة القبيحة والمنحرفة والموجودة في ذهنك عن ذلك المذهب وأتباعه .

فالخلاصة: إن مجرد انتماء مسلم لمذهب - أي مذهب كان - لا يعني انضمام نسخة أخرى من تلك الصورة الوهمية لشخصية ذلك المذهب ، فما يتوهمه الذهن ويصوّره لصاحبه شيء ، وواقع الأمر شيء آخر .


 

 

...

 

Copyright © 2013 All rights reserved.

Flag Counter