من الظواهر التي يعاني منها كثيرٌ من الناس مِمّن جاوز الأربعين خاصة – رجالاً ونساءً – ، هي الاضطرار إلى كبت المشاعر الفطرية : العاطفية والجنسية ، خشية أن يواجَهوا بسيلٍ من عبارات النقد والسخرية ، وحتى الاتهامات الباطلة من المحيطين بهم ، وذلك نتيجة لما رسخ في عادات المجتمعات الشرقية من إن الإنسان إذا جاوز الأربعين فقد ماتت مشاعره وانتهت رغباته الفطرية ، فإذا ما أحبَّ - أو أحبّتْ - ، أو رغبَ - أو رغبتْ - بالزواج مثلاً ، فقد خرج عن المألوف ، وعرّض نفسه للمثالب وغامر في بحر المعايب ...!!!
فيضطر الكثير من أصحاب هذه الفئة العمرية " وما بعدها " ، إلى كبت تلك الرغبات الفطرية بل و إماتتها خشية (كلام الناس) وانتقاداتهم ، وسعياً لرضى تلك المجتمعات المتخلفة والظالمة .

فيا لهف قلبي على ألوفٍ من الناس (من الرجال ومن النساء) الذين ظُلموا ، وأُجبروا على التظاهر بموت مشاعرهم ، و اضطروا للتخلي عن رغباتهم الفطرية ؛ لأجل أن لا يقال عنهم : مراهقون ، أو شهوانيون ، أو صبيانيون ... وما شابهها من العبارات الجارحة والظالمة .
و كأنّ تلك المجتمعات المتخلفة يتعمدون تجاهل الحقائق الشرعية والعلمية التي تثبت بقاء الإنسان بعواطفه ورغباته حتى بعد الخمسين والستين من الرجال والنساء .

فقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يضج قلبه بالحب وسائر المشاعر الفطرية حتى بلغ الستين من عمره ، وهو أكمل الناس خُلقاً ، ولو كان إظهار هذه الرغبات عيباً أو مذموماً شرعاً لما أقرَّه الله تعالى عليه ؛ فهو قدوة أمته .
ولعل هذه الظاهرة يعاني منها النساء أكثر من الرجال نتيجة لطبيعة المجتعمات العربية والشرقية بوجه عام ؛ وذلك نتيجة لسلسلة طويلة من التراكمات المتخلفة من العادات والمفاهيم الخاطئة .
لكن تغيب عن أذهان أولئك المساكين حقيقة في غاية الأهمية يعبر عنها الإمام الشافعي بقوله : عليك بإرضاء الله ؛ فإن إرضاء الناسِ لا مقدورٌ ولا مأمور ، و إرضاء الله مقدور ومأمور .
والقصد من هذه المقولة : أن على الإنسان أن يمضي في تحقيق رغباته المشروعة غير مبالٍ بالناس رضوا عنه أم سخطوا ، ولا يلتفت لما يسمع من حوله من عبارات تدعوه لإماتة مشاعره ، والرضى بالظلم الذي يفرضه عليه مجتمعه .

...

 

Copyright © 2013 All rights reserved.

Flag Counter