لعلّ من أهمِّ القضايا التي تُثار في مجال المعرفة وقوانين العلم هو : ما مدى الحيادية والموضوعية التي تتصف بها قوانين ونظريات العلم والمعرفة !!!
وما مدى تجرّد العالمِ أو الباحث ، واستبعاد مشاعره وحالته النفسية عند صياغة ذلك القانون أو تلك النظرية !!!
ربما جميعنا حين نمرُّ ببعض المشاعر المتفائلة ، ونشوة من السعادة أو السرور فنرى- حينها - الأشياءَ من حولنا تتهلل سروراً وتفاؤلاً ، وهي ليست كذلك إنما هو أثر تلك النشوة التي نشعر بها !!!
وفي المقابل : قد نمرَّ بأوقاتٍ من الحزن أو الاكتئابِ فنرى الأشياء من حولنا بعين متشائمة ، وبألوانٍ كئيبةٍ ، ومظاهر حزينة ، وهي في حقيقة الأمر ليست كذلك ، إنما حالتنا النفسية هي التي توهمنا بتلك المشاعر السوداوية والتشاؤمية!!!
ومن هنا أقول : ألا يخضع العالم - ايّ عالم وفي أي تخصص- لهذه الحالة الوهمية من المشاعر فَيُخضِع حصيلتَهُ المعرفية، ومعلوماته النظرية لحالته النفسية ؟
ثم أضِف لذلك حقيقةً أخطر وهي : إنّ أيّ عالمٍ أو باحثٍ مهما بلغَ ذكاؤه ، وإخلاصهِ في عمله ، وحياده في بحثِه : فإنه يبقى بشراً ، تعتريه غفلة ، وتَمَوُّجٌ في مستوى الإدراك والتركيز ، فليس بالضرورة أن يكونَ في ذروة انتباههِ وقوة تفكيره طيلة أيامِ و ساعاتِ بحثه .
ومن هنا تعتري حصيلته العلمية احتمال الخطأ والوهم .
لا أقول هذه الكلمات لمجرد التشكيك بالعلوم والعلماء ، إنما لنعطي كل شئ حقه من التثبيت في أدمغتنا وعقولنا ، وأن لا نأخذ كل ما نتلقاه على سبيل القطع والجزم والتسليم .

 

...

 

Copyright © 2013 All rights reserved.

Flag Counter