مهما تنوعت صور الإلحاد , وإنكار وجود رب العالمين سبحانه , والذي صار-اي ذلك الالحاد- يتفنن اصحابه في تلوينه بشتى ألوان الكذب والتزييف ليلبسوا على بعض مرضى بني آدم مافُطروا عليه من توحيد الخالق سبحانه .
فانك عند التأمل لا تجد تلك الصور المشوهة تخرج عن ثلاثة انواع , عليها , أو منها تتفرع سائر ضروب الالحاد .
وهي :
الالحاد الديني . والالحاد العلماني . والالحاد الشيوعي.
ولنأخذ لكل صنف مثلاً :
فمن الالحاد الديني : الديانة البوذية
ومن الألحاد العلماني : العلمانية الأتاتوركية .
ومن الألحاد الشيوعي : الألحاد الماركسي .
فأما الإلحاد الاول فان (سيدهارتا جوناثان) وهومؤسس الديانة البوذية , والذي لُقب فيما بعد بـ (بوذا) أي المتنور , وإليه صارت تنسب تلك الافكار التي صارت فيما بعد ديانة , يدين بها أكثر من 300 مليون إنسان , هذا الرجل - أي بوذا- لم يبنِ أفكاره ومعتقداته على مبدأ الألوهية , فليس في أصل الديانة التي أسست على يديه أي ذكر للأله , بل أفكاره تدور حول تزكية النفس وتطهيرها من الشهوات , لكن أتباعه الذين جاؤوا من بعده غلوا في شأنه حتى رفعوه الى مقام الألوهية , وهكذا جرّ الإلحاد الديني أتباعه الى الإقرار مرة أخرى بضرورة وجود إله يجب تعظيمه وعبادته , وإن كان انساناً مثلهم .
وأما الألحاد الثاني : فإن أتاتورك الذي أسس العلمانية في تركيا , قد بنى أتباعُهُ على قبره مزاراً , وصاروا يقدسونه ويعظمون شأنه حتى بعد موته , ويعاقبون كل من يتعرض للطعن فيه أو في أفكاره , بشتى العقوبات التي قد تصل أحيانا الى الموت ,
فسبحان الله , ما الفرق بين هؤلاء وبين من يعظم إلاهه بالعبودية , وعقوبة من يتعرض له بالطعن أو التشكيك وماشابه , فأولئك العلمانيون هم في حقيقة الأمر قد رفعوا ذلك المقبور أتاتورك الى مصاف الألوهية , وإن كابروا الواقع ورفضوا الاعتراف بتلك العبودية له .
وشرّ منهم الصنف الثالث من الإلحاد , وهم الشيوعيون , فإنهم أنكروا وجود الرب سبحانه وتعالى جهاراً , وحاربوا كل من يقول بوجود إله او ينادي بدين , ثم مالبث أولئك البؤساء أن حولوا متبوعهم ماركس ومن بعده لينين إلى إله يعبد من دون الله تعالى , فهو الملهم في تشريع القوانين , وهو الرجل الرمز الذي لا يسع أياً من أتباعه الخروج عن أفكاره , وكل من تسول له نفسه الطعن فيه , أو الانتقاص منه , يعرض نفسه لشتى ضروب العقوبات , فهو بالمفهوم الاسلامي للأله صار إلاهاً أيضاً ,
فسبحان الله , وحسبي الله من بؤس البشر , يهلكون أنفسهم في الهروب من ربهم بشتى الافكار المريضة , ثم يؤول بهم الأمر الى البحث عن بديل لرب العالمين وإن لم يسمونه الاهاً .
...