لماذا ندعوا ...ولايستجاب لنا ؟؟؟

كم مرة سمعنا من الوعاظ والخطباء والدعاة مثل هذا التساؤل ؟؟

انها الذنوب والمعاصي وو....

 

وكم مرة سمعنا مثل هذا التعليل من اؤلئك ؟؟

لكن هل حقيقة هذه الظاهرة بل هذه المشكلة المتفشية هي فقط كما ذكروا ؟؟

 

لاشك أن هذه القضية يصعب استيفاء متعلقاتها بمثل هذه الاسطر . لكن ساحرص على الاختصار مع انتقاء العبارات السهلة لان المقالة موجهة الى عامة المسلمين ممن لايملك حصيلة علمية تمكنه من فهم العبارات المسبوكة .

 مع قلة الوقت الذي يخصصه عامة الناس للقراءة (في امور دينهم خاصة).

وقبل بسط المقال في هذه القضية لابد ان نستحضر قول النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الباب وهو مارواه الامام احمد[1] عَنْ أَبي سَعيدٍ أَنَّ النَّبيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْه وَسَلَّمَ قَالَ مَا منْ مُسْلمٍ يَدْعُو بدَعْوَةٍ لَيْسَ فيهَا إثْمٌ وَلا قَطيعَةُ رَحمٍ إلا أَعْطَاهُ اللَّهُ بهَا إحْدَى ثَلاثٍ إمَّا أَنْ تُعَجَّلَ لَهُ دَعْوَتُهُ وَإمَّا أَنْ يَدَّخرَهَا لَهُ في الآخرَة وَإمَّا أَنْ يَصْرفَ عَنْهُ منْ السُّوء مثْلَهَا )

 قَالُوا إذًا نُكْثرُ قَالَ : ( اللَّهُ أَكْثَرُ )

فالحديث يثبت ان الدعاء ابتداءً له ثلاثة احوال وان اجابة الدعاء حالة واحدة من تلك الاحوال الثلاث . أي ان احتمال اجابة الدعاء ابتداءً هي بنسبة 33 بالمئة . وهذا لمن حقق تمام شروط اجابة الدعاء . فكيف بمن يخوض بالذنوب والبدع . او استعجاله الجزم بان دعاءه غير مستجاب . وغيرها من صوارف الاجابة .

ثم بعد ذلك تخيل اخي المسلم : لو أن كلَّ دعاءٍ كان مستجاباً . ماالذي سيحل بالعالم من فوضى وتعارض في المصالح والرغبات !!! قال تعالى : (ولو اتبع الحقُّ اهوائَهم لفسدت السماواتُ والارضُ ومن فيهِنَّ) المؤمنون: ٧١

فهذا يدعو الله تعالى أن يزوجه تلك المرأة . وثانٍ يسأله سبحانه أن يزوجه المرأة ذاتها . وربما ثالث ورابع . وذاك يدعو الله تعالى ان يشتري تلك الارض ليبني عليها بيتاً . وثانٍ يدعو الله ان يشتري ذات الارض ليبني عليها مشروعاً اومزرعة وربما ثالث ورابع . ولك أن تتخيل بعد ذلك كم من الامنيات التي تتزاحم عليها أهواء الناس ورغباتهم .

ثم بعد ذلك مالذي سيحل بابن ادم اذا كانت كل دعواته مجابة !!!. سيتحول الى انسان طاغية كسول ؛ لاهم له الا اشباع رغباته . حتى يؤل به الامر أن لا يكلف نفسه لتحريك يده ليتناول شربة ماء . بل سيدعو الله ان يأتي كأس الماء الى شفتيه ليشرب مافيه . وهذه نفوس البشر . لايكاد يُوَسّع على احدهم , الا طغى ونسي ضعفَه وفقره لربه . الا من رحم الله وقليل ماهم .

. قال تعالى :{فاما الانسانُ اذا ما ابتلاهُ ربُهُ فاكرمه ونعّمه فيقولُ ربي أكرمَنِ (15) وأما اذا ماابتلاهُ فقدر عليه رزقَهُ فيقولُ ربي أهانَنِ(16)} الفجر:

واعظم من ذلك واخطر : سيطغى الانسان في دعائه ويتجاوز حدود الادب حتى مع الله تعالى . فيتحول من داعٍ متضرع الى آمرٍ ناهٍ على الله سبحانه . تعالى الله عما يصفون .

لكن لابد للمسلم أن يستحضر حقيقةً هامةً متعلقة بمقاصد تشريع الدعاء . فان الدعاء ماشُرِّع لتحقيق الاماني فحسب . بل ليس هذا مقصوده الأهم . فان مقصوده : أن يستشعر العبدُ ضعفَه وفقرَه الى الله تعالى . وحاجته لربه في رزقه وتوفيقه وصحته وسائر حياته . لان الله سبحانه هو ربه الذي خلقه واسبغ عليه نعمه . وهو أعلم منه بما ينفعه وما يضره . فيحقق -اي الدعاء - جانباً وجزءاً مهماً من اجزاء العبودية التي خلقه الله لاجلها .

وأيضاً : فان الله تعالى ماخلق الكون كله بما فيه من نعم لأجلك وحدك ايها العبد المسكين . ففي هذا العالم ملايين من الناس يدعون ويتمنون . ولاشك ان بعضهم يدعو بمثل ماتدعو . ويتمنى مثل ماتتمنى , فهل ترضى أن يُهجر دعاؤك . ويتقبل من غيرك!!؟؟ والتساؤل ذاته يطرح على غيرك من الناس , فلابد من عليم حكيم يميز بين هذه الدعوات ويرجح بينها وهو الحَكمُ العدلُ , يعلم من هو الأولى في اجابة دعوته من غيره واي الناس تكون اجابة الدعاء خيرا له.

ولكن من بؤس ابن آدم قصور نظره وضعف عقله . مع طغيانه وغروره بنفسه . فيظن ان مايمليه عليه عقله القاصر وظنه الفاسد هو الحق والصواب . ولا يكِل أمره الى الله تعالى . فيما ينزل به من النوازل وضروب الابتلاء . وفي عدم اجابة دعوته او تاخرها .

الا أن من المفاسد التي رسخها بعض الوعاظ والخطباء هي تلك الحقيقة الناقصة وهي أن مدار اسباب عدم اجابة الدعاء هو الذنوب ولاشئ غيرها .

...

 

Copyright © 2013 All rights reserved.

Flag Counter