الفصل السابع

في أن الأصل إعمال الأحكام باليقين

لابالظن

 

وهذه قاعدة ينبغي للمصلحين والدعاة العمل بقتضاها . وذلك من أهم العواصم عن الزلل وكبح جماح المتحمسين والمتسرعين في إطلاق الاحكام جزافاً ممانتج وينتج عنه من الظلم والأجحاف ووضع الشئ في غير محله لكثير من الأبرياء من عوام المسلمين وخواصهم جراء التسرع وقلة التثبت بل والتورع عن انتهاك حرمات المسلمين ،وإنك لتجد أكثر من يقدم على إطلاق مثل هذه الأحكام هم من حديثي العهد بالعلم والدعوة ممن لم يكتمل عنده الفهم الكافي لمقاصد الشريعة وكلياتها ،فالواجب على كل مسلم ـ لاالدعاة فحسب ـ أن يتورعوا عن تنزيل الأحكام في المواضع المظنونة ،وأن يبذلوا وسعهم في ذلك ، إذ اللازم بناء الأحكام على اليقين لاالظن مع التنبيه على أن تعذر العمل باليقين ـ أوبالمئنة ـ يسوغ العمل بالظن ـ أوبالمظنة الراجحة ـ بعد بذل الجهد لتحصيل اليقين إعمالاً للنص ،

 

 

 

٭ ٭ ٭

 

 

الفصل الثامن

في إن الأعتبار في الأحكام للكثير الغالب لاالقليل النادر

 

وهذه قاعدة عظيمة النفع واسعة العمل بمقتضاها وهي أحد المخارج عند تزاحم الأحكام الشرعية ،

وبيان ذلك عند وجود وصفين متعارضين في محل حكم ما ، يستلزم تنزيل كل واحد منهما انتفاء تنزيل الآخر ، فيصار الى تقديم الأغلب ،وهذا فيما لو تعذر الجمع بينهما أو افراد كل منهما بحكم مستقل ،

وقد أدى الجهل بهذه القاعدة الى اضطراب ومجانبة للصواب في كثير من مواطن تنزيل الأحكام ، ويتصل بهذه القاعدة قاعدة اخرى وهي :أن الاصل في الأحكام اندراجها تحت منضبط عام دون ما يختص بآحاد الناس ، فانه ينظر في الحكم الشرعي الأصلي الى المصالح و المفاسد العامة وإلى المقاصد العامة ،فلا يقدح في تنزيل الحكم مايتعارض من أحوال آحاد المكلفين مع الحكمة المرجوة من تنزيله ،فلايغير هذا التعارض الجزئي من صفة الألزام والشمول ، لكن ينظر لتلك الجزئية الشاذة فان أمكن الحاقها بالحكم الأصلي بتكييف ما فبها ، وإلا فينظر الى حكم خاص هو من قبيل الفتوى لاتشمل حالة اخرى الابفتوى اخرى ،

 

 

 

٭ ٭ ٭

 

الفصل التاسع

في ان الأحتياط للمقاصد أولى من الأحتياط للوسائل

 

والمساعد على العمل بهذه القاعدة العلم الشرعي السليم والدقيق ومعرفة خصائص الأحكام والتفريق بين ماهو مراد لذاته وبين ماهو مراد لغيره ،

فاذا عرف المصلح ذلك وميز بين المقاصد والوسائل تمكن عندها من إعطاء كل حكم شرعي الأهتمام اللائق به ، وتجنب الخلط بين الغاية والوسيلة ، والأسراف في الأهتمام بتحصيل الوسائل وإهمال المقاصد ،

فلاتصح مساواة المقصرين في أحكام هي وسائل مع المقصرين في الغايات والمقاصد،

بل التفاوت حاصل بين الغايات نفسها كما هوحاصل فيما بين الوسائل انفسها ,

فلايصح مساواة الغايات وجعلها بمرتبة واحدة ولاجعل الوسائل بمرتبة واحدة . بل الواجب النظر الى كلام الشارع وماجعله من منزلة لكل غاية اووسيلة بحسبها . فتقدر لكل غاية اووسيلة قدرها .

فتأمل وتأنى ،

 

 

 

٭ ٭ ٭

 

...

 

Copyright © 2013 All rights reserved.

Flag Counter